شهدت حوزة النجف في العراق تطورات كبيرة في نظامها التعليمي في منتصف القرن المنصرم، وبالتحديد ما بين أربعينياته وستينياته. فقد وصل عدد طلابها إلى ما بين 15 و20 ألف طالب من مختلف أنحاء البلاد التي يسكنها أبناؤها الشيعة إلى جانب مواطنيهم من المذاهب الأخرى. وكان أكثر من ألف شخص يحضرون درس السيّد أبو القاسم الخوئي وحده. ويعتبر الأخير مؤسس المنهج الفقهي السائد في النجف وفي قم [إيران] أيضاً، إلى حد كبير لغاية الآن. وفي خلال الفترة الزمنيّة نفسها، تأسست أول كلية أكاديميّة في النجف على يد محمد رضا المظفر وقد خرّجت أعداداً كبيرة من كبار علماء النجف.
لكن منذ سبعينيات القرن الماضي وبالتزامن مع وصول حزب البعث إلى السلطة، عرفت حوزة النجف تراجعاً إثر التضييقات السياسيّة عليها. وقد اشتدّت التضييقات بعد صحوة التشيّع السياسي في النجف وتصادمه مع النظام الحاكم آنذاك. كذلك أدّت الحرب الإيرانيّة–العراقيّة إلى تقليص عدد الطلاب الأجانب بشكل ملحوظ. وفي العام 1991، أدّى قمع الانتفاضة الشيعيّة إلى تعطيل شبه كامل لنشاطات الحوزة.