تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الاستحقاق الرئاسي بين متطلبات الرئيس ومتطلبات الجمهوريّة

Bullet casings are seen on a deserted street in the Sunni Muslim Bab al-Tebbaneh neighbourhood in Tripoli, northern Lebanon March 21, 2014. Three people were killed in the northern Lebanese city of Tripoli on Friday in fighting between supporters and opponents of Syrian President Bashar al-Assad, security and medical sources said. Tripoli, like much of Lebanon, is divided along sectarian lines and is only 30 miles (50 km) from the Syrian border. Its majority Sunni Muslims, who back the Syrian rebels, often
اقرأ في 

من خصائص انتخابات رئاسة الجمهوريّة في لبنان أنها تمرّ على سطح الحياة السياسيّة مرور الكرام من دون أن يكون لها أدنى دور في تسليط الضوء على التحديات الأساسيّة التي تواجه البلاد. ويكون الغائب الأكبر فيها البرامج الانتخابيّة والنقاشات المفترض أن تواكبها، مع ما تحمله هذه الأخيرة من تحديدٍ للأوليات واجتراح للحلول. فلا حملات انتخابيّة ولا حتى مرشّحين رسميّين. تدخل البلاد المهل الدستوريّة لانتخاب رئيس كما هو الحال منذ 25 آذار/مارس الماضي، وما من مرشّح يتقدّم إلى المنصب بشكل رسمي وفق الأصول والأعراف الديمقراطيّة. لا بل على العكس، كل ما اقترب موعد الاستحقاق يكون الحذر سيّد الموقف لدى المرشّحين المحتملين وكأنهم في انتظار الوحي الآتي من الخارج. يتجنّبون أي ظهور إعلامي. وإن أطلّوا عبر وسائل الإعلام، دوّروا الزوايا وتنبّهوا من أي زلة لسان أو خطوة ناقصة قد تطيح بصورتهم التوافقيّة. بتعبير آخر، كلما اقترب الاستحقاق كلما أصاب الحركة السياسيّة نوع من الشلل وخفّ النقاش في الواضيع الخلافيّة. هكذا تفوّت البلاد هذه اللحظة المحوريّة من الحياة الديمقراطيّة.

فمنذ بداية الحرب الأهليّة في منتصف سبعينيات القرن الماضي وعلى الرغم من توقيع اتفاق الطائف، لم يتمكّن البلد الصغير من استرجاع مقوّمات سيادته كافة وعلى رأسها حصريّة السلاح بيد الشرعيّة اللبنانيّة، إنما بقي ساحة صراع للقوى الإقليميّة وذلك على حساب الدولة ومؤسساتها. فقد شكّل هذا الأمر العائق الأساس دون انتظام الحياة الدستوريّة، بما في ذلك عمليّة انتخاب رئيس للجمهوريّة. لكن الحق يقال إن طبيعة النظام البرلماني المعتمد في بلد متتعدّد الطوائف والولاءات، لم يساعد على الاستفادة من هذا الموعد الدستوري من أجل تحصين العقد الاجتماعي وتثبيت الوحدة الوطنيّة من خلال العودة إلى الشعب مصدر السلطات لتحديد خياراته الجامعة. فالنظام الدستوري اللبناني موروث من الجمهوريّة الثالثة، أي النظام الدستوري لفرنسا القوّة المنتدِبة في حينه والذي توقّف العمل به منذ العام 1940 والذي بموجبه كانت تتمّ عملية انتخاب الرئيس من قبل الجمعيّة العامة المؤلفة من النواب والشيوخ. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النظام الفرنسي عُدّل مرّتَين، ويجري اليوم انتخاب الرئيس الفرنسي من قبل الشعب مباشرة بعد ما تمّ الإقرار بأن انتخاب الرئيس من قبل الشعب هو إصلاح أساسي في سبيل ترسيخ الديمقراطيّة. والمفارقة أن اتفاق الطائف الموقّع في العام 1989 والذي أتى بتعديلات دستوريّة أساسيّة كان معظمها متمحوراً حول إعادة توزيع السلطة بين المؤسسات والمكوّنات الطائفيّة، أبقى على النظام الانتخابي للرئيس كما هو لا بل كرّسه. وذلك لتكريس الطبيعة البرلمانيّة للجمهوريّة ربما، لأن أي عودة إلى الإرادة الشعبيّة كان يمكن اعتبارها جنوحاً نحو نظام رئاسي وتعزيز للموقع المسيحي وذلك على حساب المواقع الأخرى.

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.