عزيزي القارئ، لا بدّ من ملاحظة استهلاليّة. أعلم أن هذه السطور ستكون ثقيلة على نظرك وعلى ضميرك، لكنني أطلب منك تقبّلها وأتمنى أن تكون دافعاً لك للتحرّك.
وأسترجع مقابلة أجريتها مع صحافي مصري يعيش في لندن، شرح لي كيف إن الدولة المصريّة الحديثة منذ انطلاقتها مع محمد علي تحتكر النخبة الحاكمة وكيف هي صانعتها في الأساس منذ إرساله البعثات التعليميّة إلى فرنسا وحتى يومنا هذا. وقد ترتّب على ذلك أن تكون دائماً النخبة الحاكمة بالطبيعة أكثر التصاقاً بالسلطة منها إلى العامة، إلى درجة تصل أحياناً إلى حدّ انفصال رؤيتها ومطالبها عن الواقع والاحتياج الشعبي. متلازمة أخرى استطاعت النفاذ من أيام محمد علي إلى واقعنا اليوم، وهي متلازمة الصراع على السلطة بين مؤسسة الجيش والتيار الديني. فمنذ أن أرسل محمد علي نجله إبراهيم باشا للقضاء على الحركة الوهابيّة الدينيّة لغاية اليوم، ونحن نرى بشكل أو بآخر تلك المتلازمة. وقد تكلم عنها الكاتب المصري الراحل فرج فوده الذي اغتاله الإسلاميّون، قائلاً إن المخرج الوحيد لتلك المتلازمة والدائرة المفرغة هو أن يقوم تيار سياسي علماني قوي في مصر خارج عباءة السلطة سواء كانت عسكريّة أو إسلاميّة.