فيما تَواجَه المتنافسان الرّئيسيّان على المكتب البيضاوي في المناظرة الأخيرة ضمن حملة الانتخابات الرّئاسيّة للعام 2016، شكّل دور روسيا في الشّرق الأوسط موضوعًا رمى فيه كلّ من وزيرة الخارجيّة السّابقة هيلاري كلينتون ورجل الأعمال دونالد ترامب سهامه الأكثر حدّة نحو الآخر. في ردّ على تصريح ترامب بأنّه "سيتمتّع باحترام بوتين" – وهو أمر يراه الملياردير المتفاخر أداة أساسيّة تساعده على إصلاح العلاقة المتأذّية بشدّة مع روسيا – لفتت كلينتون إلى أنّ أحد أسباب موسكو لإصلاح العلاقة هي رغبة الكرملين في امتلاك "دمية كرئيس للولايات المتّحدة".
ما زعمه ترامب أيضًا بأنّ الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين "تغلّب" على كلينتون والرّئيس باراك أوباما "في كلّ خطوة"، يعكس تظلّمًا أكبر موجودًا في الولايات المتّحدة وفي بعض الأماكن في كافّة أنحاء الشّرق الأوسط بأنّ موسكو تفوز في كلّ مكان، وأنّ أميركا في تراجع. وهذه الرّواية تجذب مؤيّدي ترامب لكنّها تبقى سطحيّة من ناحية الأسس الموضوعيّة. بالفعل، منذ بداية الرّبيع العربي، كان لروسيا والولايات المتّحدة وجهات نظر متناقضة تمامًا بشأن طبيعة الاحتجاجات وانعكاساتها على المنطقة بشكل عام. وفي الواقع، غالبًا ما يتطرّق الإعلام وصنّاع القرار في روسيا إلى الأوضاع في ليبيا، ومصر وسوريا باعتبارها أحد أوجه السّياسات الأميركيّة غير المدروسة جيّدًا والمدارة برداءة في المنطقة، والتي بدأت مع غزو العراق. بعبارات أخرى، إنّ السّرد الرّوسي لا يصنّف الأمر كـ"فوز لموسكو وخسارة لواشنطن"، بل كـ"خسارة" للجميع – وللأشخاص في المنطقة بالمرتبة الأولى – وكسلسلة من الأخطاء الفادحة التي يجب أن تشكّل تنبيهًا لأيّ انتفاضات وأزمات مستقبليّة في المنطقة.