"تكلّم حتّى أراك" تلك القاعدة الّتي أرساها سقراط تشجّعك على الحديث حتّى يشعر الآخر بمشاكلك وهمومك، ولكن ماذا تفعل لو أجبرك القدر على الصمت فلا تتكلّم ولا تسمع، ولن يراك أحد أو يعي الآخر مشاكلك؟ فهناك أكثر من 5 ملايين في مصر لا يراهم المجتمع أو يدرك معاناتهم لأنّهم باختصار لا يسمعون ولا يتكلّمون، فأطلق عليهم المجتمع "الصمّ والبكم"، ولغتهم لا يفهمها إلاّ هم والقليل ممّن لديهم حاسّة السمع والنّطق. ورغم أنّهم أطلقوا على الفنّ مرآة المجتمع، لكنّ مرآة السينما والمسرح لا ترى هؤلاء، وإن ذكرتهم فتسخر منهم في مشاهد كوميديّة وتتجاهل مشاكلهم في المجتمع.
كالعطر جاءت مسرحيّة "العطر" لتزيح كلّ روائح المجتمع الكريهة، الّتي عكّرت حياة "الصمّ والبكم" في مصر، فهي لم تتّبع المنهج المعتاد الساخر منهم، لكنّها حوّلت أزماتهم ومشاكلهم إلى عمل فنيّ يصل إلى الجمهور، لتكن العمل الفنيّ الأوّل الّذي يتناول معاناة الصمّ والبكم وتشارك فيه مجموعة من الشباب من بينهم 8 من الصمّ والبكم، و6 من الممثّلين المحترفين.