دفع محمّد كريم خضير (13 عاماً) عربته اليدويّة بهمّة. كانت العربة الصغيرة ذات العجلات الثلاث محمّلة بتلّ من حقائب زوّار العتبة العلويّة في النجف من الإيرانيّين. وفي مساحة صغيرة من مقدّمة العربة، جلست امرأة عجوز. وإضافة إلى عربة محمّد النحيل، كانت هناك عربات أخرى بالحمولة ذاتها، تزاحمه لتصل بالحقائب إلى نقطة التفتيش بالأشعّة السينيّة عند مدخل شارع الصادق في المدينة القديمة في مدينة النجف (160 كلم جنوب غرب بغداد). عربات متعدّدة يدفعها رجال كبار في السنّ أو أطفال مثل محمّد، تنشط في المدينة القديمة التي يمنع دخول السيّارات إليها، ممّا يضطرّ الزائرين إلى استئجار هذه العربات لإيصال أمتعتهم، فضلاً عن نقل كبار السنّ ممّن لا يستطيعون المشي.
يقول طالب حميد (40 عاماً) إنّه قدم من ناحية الخضر، التي تتبع إداريّاً محافظة المثنى (280 كلم جنوب بغداد) ومركزها مدينة السماوة، وذلك لأنّه وبعد تعرّض الأراضي الزراعيّة للجفاف وعدم قدرة الإنتاج الزراعيّ المحلّيّ على منافسة المستورد، اضطرّ إلى القدوم إلى النجف لكي يستطيع إعالة أسرته الكبيرة. أمّا الصغير محمّد كريم خضير فأخبرني أنّه قدم من مدينة السماوة، وأنّ والده أرسله للعمل في النجف، واستطرد قائلاً إنّه هو من يعيل أسرته (والديه وخمسة أخوة آخرين أصغر منه سنّاً).