العراق، الكوفة - يقع مسجد الكوفة أو "السهلة" في مدينة الكوفة (156 كلم جنوبيّ بغداد)، ويُعدّ من أقدم المساجد في العالم الإسلاميّ، إذ شيّد في عام 19 هجريّاً (638 ميلاديّاً)، وكان مركزاً لتشكّل العقيدة الشيعيّة فكريّاً وسياسيّاً. إنّ قدمه التاريخيّ يوازي دوره العقائديّ والسياسيّ. وفي سياق التاريخ العراقيّ الحديث المضطّرب، نجد أنّ هذا الدور خضع إلى نوع السلطة السياسيّة الحاكمة. ففي زمن نظام الرئيس العراقيّ صدّام حسين، الّذي حارب "الإسلام السياسيّ"، جرى لجم دوره السياسيّ، حيث كان مسجد الكوفة على الدوام مركزا فكريا ومنطلقا سياسيا، وشهد هذا الدور ازدهاراً، بعد سقوط هذا النّظام في عام 2003 إثر الإجتياح الأميركيّ للبلاد بعدما صار مركزا لمعارضة الاجتياح الأمريكي للعراق ومن ثم مركزا للاحتجاجات والخطب المطالبة بالقضاء على الفساد .
والحال أنّ تاريخ مسجد الكوفة ظلّ يرجّع صدى الأفكار الّتي ولدت في داخله، وظلّ طيلة عقود محوراً للمعارضة السياسيّة وتأليب الجماهير على الأوضاع، إلى جانب كونه مكاناً للعبادة. ففي عام 1999، أغلقت سلطات نظام صدّام المسجد، منعاً لصلاة الجمعة والتجمّعات الّتي بدأت تحضرها أعداد كبيرة من المسلمين الشيعة، بزعامة رجل الدين الراحل محمد صادق الصدر، الّذي اغتاله النظام بعد انتهائه من أداء الصلاة في المسجد عام 1999 قبل اغلاقه.