إنّ الدولة الّتي تدّعي مقاومة الإرهاب، إنّما تعيد إنتاجه من خلال هوسها الأمنيّ وسعيها إلى المحافظة على البنى الهيكليّة المتخلّفة في المجتمع بهدف إحكام السيطرة عليه. وفي المقابل، تمارس على القوى الإبداعيّة المجدّدة كلّ سياسات التركيع عبر العزل وكمّ الأفواه ووأد الخيال ومصادرة الأحلام وإنهاك طاقة الحياة. إنّ الدول العربيّة كمصر وغيرها ما زالت تخشى من كلّ صوت حرّ يحاول كسر مكامن الاستبداد، ولا يستبطن الخوف الّذي تبدع هي في تطوير آليّاته كأداة لتكريس سلطتها.
لماذا تخاف دولة الاستبداد أجنحة الخيال؟ هكذا تساءل عدد من مثقّفي تونس في بيان جاء على خلفيّة أحكام قضائيّة تلاحق روائيّين وكتّاباً في مصر. ورغم تنديدات لعدد من الأحزاب السياسيّة والمنظّمات الحقوقيّة بسجن الروائيّ أحمد ناجي بتهمة خدش الحياء العام في آذار/مارس الماضي على خلفيّة نشر صفحات عدّة من روايته "استخدام الحياة" في مجلّة أخبار "الأدب"، إلاّ أنّه لم يمض شهر حتّى تمّ تأييد حبس الكاتبة الصحافيّة فاطمة ناعوت بتهمة إزدراء الأديان على خلفيّة تدوينة عبّرت من خلالها عن رفضها لمشاهد الذبح في عيد الأضحى.