في 9 شباط/فبراير، دعا رئيس الوزراء العراقيّ حيدر العبادي إلى "تغيير وزاريّ جوهريّ يضمّ شخصيّات مهنيّة وتكنوقراط وأكاديميّين"، وكان قد وعد حين تمّ تكليفه لرئاسة الوزراء في 11 آب/أغسطس من عام 2014 بتقديم تشكيلة من التكنوقراط إلى حكومته. إذاً، يدلّ تكرار دعوته إلى تشكيل حكومة تكنوقراط على أنّه لم يوفّق في تشكيلها ببداية الأمر، ويعود السبب في ذلك إلى البنية السياسيّة للحكومة العراقيّة الّتي نشأت وتطوّرت ضمن سياقات طائفيّة معقّدة ومتعدّدة الإشكاليّات.
لقد تشكّلت البنية السياسيّة للحكومة العراقيّة بعد عام ٢٠٠٣، وفق الرؤية الأميركيّة للعراق الجديد، والّتي كانت لم تعتبر العراق بلداً ذات أمّة واحدة، وكان العراق في تلك الرؤية عبارة عن مجموعات متشتّتة من الثقافات والطوائف الّتي يجب أن يكون لها تمثيل سياسيّ ضمن حكومة توافقيّة. ووفق تلك الرؤية، تشكّل مجلس الحكم، الّذي كان يمثّل الطوائف العراقيّة المختلفة، وفي مقدّمها المكوّنات الثلاثة الرئيسيّة: الشيعة، الأكراد والسنّة في ١٣ تمّوز/يوليو من عام ٢٠٠٣ بقرار صادر عن سلطة الإئتلاف في العراق بقيادة الولايات المتّحدة الأميركيّة المتمثّلة بالحاكم المدنيّ الأميركيّ بول بريمر.