فيما تسعى إيران للإفادة من تخفيف العقوبات الذي طُبِّق بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، يعني التراجع في أسعار النفط الخام أن طهران لن تتمكّن من الاعتماد على الإيرادات النفطية في المستقبل القريب. الأسوأ من ذلك هو أن الهبوط في أسعار النفط سيؤثّر في الصناعة الداخلية ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة، والتي أفادت من الارتفاع في أسعار النفط الخام مع حصولها على دعم حكومي غير مباشر عن طريق المحروقات الزهيدة الكلفة. يعني هذا، في الجوهر، أن الصناعة الإيرانية ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة على وشك خسارة ميزتها التنافسية في السوق العالمية. لكن المشهد ليس كله قاتماً. فإيران تملك ورقة رابحة قد يكون بالإمكان الاعتماد عليها جزئياً من أجل معالجة مسألة النمو الاقتصادي في المدى الطويل، وتتمثّل في قطاع التكنولوجيا العالية.
تستثمر إيران، منذ سنوات، في الصناعة التي تعتمد على البحوث والتنمية المكثّفة. لقد كانت هذه السياسة من المسائل النادرة التي تكوّن إجماع حولها في طهران التي غالباً ما تشهد سجالاً حول السياسة الاقتصادية بدفعٍ من الخصومات السياسية. في الواقع، لقد دعا المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إلى تطوير اقتصاد مستند إلى المعرفة، ومن هذا المنطلق، دعم الشركات المحلية للتكنولوجيا العالية. تفيد هذه الشركات من إعفاءات ضريبية خاصة، ومحفّزات مالية، وقوانين تفرض حظراً على استيراد السلع التي يتم تصنيع منتجات مماثلة لها محلياً، من جملة إجراءات أخرى.