استشهدت في مقال لي عبر موقع "المونيتور" في 29 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بكلام حاخامَين بارزين يدعوان إلى تحويل جبل الهيكل من مكانٍ لرشق الحجارة من قبل اليهود والمسلمين إلى مركز للسلام العالمي والصلاة مفتوح أمام الجميع. تكشف الأحاديث مع مصادر إسرائيلية وعربية وغربية مطّلعة على السجال حول ترتيبات الصلاة في جبل الهيكل، عن قصّة أكثر تعقيداً من شدّ الحبال البسيط ظاهرياً بين متعصّبين يهود من جهة ومتعصّبين مسلمين من جهة أخرى. فأبطال الرواية اليوم هم الحركة الإسلامية في إسرائيل، والسلطة الفلسطينية، والمملكة الأردنية الهاشمية. أما الإسرائيليون فيؤدّون دوراً ثانوياً، وكأنهم المغفّل في جبل الهيكل.
ليست القصة جديدة بالكامل. فقبل نحو عشرين عاماً، وتحديداً في أيلول/سبتمبر 1996 في مطلع ولاية حكومة بنيامين نتنياهو الأولى، تسلّم أعضاء من الفرع الشمالي للحركة الإسلامية في إسرائيل، برئاسة رائد صلاح، الذي كان آنذاك عمدة بلدة أم الفهم العربية-الإسرائيلية، زمام الأمور في مشروع تحويل منطقة اسطبلات سليمان، وهي عبارة عن مساحة مقبّبة تحت الزاوية الشرقية الجنوبية لجبل الهيكل، إلى مسجد فسيح. وقد اعتبر شموئيل بركوفيتش في كتابه "حروب الأماكن المقدّسة"، أن هذا المشروع شكّل انتهاكاً فاضحاً وكبيراً جداً للوضع القائم في جبل الهيكل، والتغيير الأكبر الذي يشهده ذلك المكان، على الأقل منذ الحملات الصليبية. في الماضي، كانت المعارك على جبل الهيكل، المعروف بالحرم الشريف بالنسبة إلى المسلمين، تدور بين الأردن والسلطة الفلسطينية، بيد أن النزاع يشمل الآن أيضاً الأردن والحركة الإسلامية في قلب دولة إسرائيل.