في 15 آب/أغسطس من عام 2015 شهدت بيروت حدثاً أمنيّاً بارزاً، إذ أعلنت المديريّة العامّة للأمن العام، وهي الجهاز الأمنيّ الرسميّ المسؤول عن مراقبة الحدود والمعابر والمرافق، اعتقال أحد أبرز المطلوبين في لبنان: أحمد الأسير، فالرّجل ظلّ فارّاً ومتوارياً من وجه العدالة، منذ 24 حزيران/يونيو من عام 2013، يوم دارت اشتباكات عنيفة بين مسلّحين تابعين له ووحدة من الجيش اللبنانيّ، في مقرّ إقامته في منطقة عبرا الملاصقة لمدينة صيدا في جنوب لبنان، علماً أنّ ظاهرة أحمد الأسير كانت قد بدأت قبل ذلك التاريخ بأعوام، حين قرّر فجأة هذا المواطن الصيداويّ أن يتحوّل إلى رجل دين وشيخ سلفيّ سنيّ سنة 1997. ثمّ في السنة نفسها اتّخذ له مقرّاً في أحد المباني، وجعله مسجداً لمجموعة من أنصاره، ليتحوّل بعدها إلى داعية أصوليّ، يعمل على إلقاء الخطب الناريّة، خصوصاً ضدّ "حزب الله" الشيعيّ وضدّ إيران وضدّ الرّئيس السوريّ بشار الأسد وحكمه.
ولم تلبث حال الأسير هذه الكلاميّة أن تحوّلت إلى مرحلة الاعتراض الميدانيّ على الأرض، إذ عمد السير إلى تنفيذ اعتصاماً على طريق صيدا طيلة خمسة أسابيع بين حزيران ومكلع آب 2012، للمطالبة بما سماه "حقوق أهل السنة في لبنان"، قاطعاً الطريق بين بيروت والجنوب، وهي الطريق الحيويّة جدّاً بالنّسبة إلى "حزب الله"، الّذي تتوزّع مناطق انتشار معاقله الأساسيّة بين ضواحي العاصمة والجنوب اللبنانيّ المحاذي لإسرائيل. وبعدها، راحت ظاهرة الأسير الاعتراضيّة تتصاعد أكثر فأكثر، ممّا أدّى إلى وقوع أكثر من اشتباك بين مسلّحين من عناصره ومقاتلين من "حزب الله"، بين العامين 2012 و2013، إلى أن وقع اشتباك عنيف بين مسلّحيه والجيش في 22 حزيران/يونيو من عام 2013، حين قامت عناصره بمهاجمة حاجز للجيش اللبنانيّ قريب من مسجده، ممّا أدى إلى سقوط ضحايا من الجيش، فردّ الأخير بهجوم كبير على مقرّه، انتهى بسقوط نحو 18 شهيداً من عناصر الجيش، فضلاً عن قتلى آخرين من المسلّحين، وفرار أحمد الأسير وتواريه عن الأنظار منذ ذلك الحين وحتّى 15 آب/أغسطس من عام 2015.