الإتّفاق مع إيران وقّع، وأصبح حقيقة ثابتة، ولكن ما زال الشكّ يخيّم حول آثاره وانعكاساته على الوضع في الشرق الأوسط، فهل يصحّ ظنّ المشكّكين بهذا الإتّفاق، ويصبح ما بعد 14 يوليو/تمّوز من عام 2015 أخطر بكثير ممّا قبله. تتعقّد الأزمات، تستعر نيران الحروب المشتعلة في سوريا والعراق واليمن، ويتعمّق الخلاف ما بين سنيّ وشيعيّ، وبين موالٍ لإيران ومعادٍ لها من غزّة إلى بيروت ومن حلب إلى الفلّوجة؟ المشكّكون، مثل رئي الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والأمير تركي الفيصل، يخافون من أن تتحوّل الأموال المجمّدة، والّتي سوف يفرج عنها بموجب إتّفاق جنيف، إلى تعزيز قدرات "فيلق القدس" و"الحشد الشعبيّ" و"حزب الله"، ويخافون أيضاً من أن تستمرّ إيران أكثر من أيّ وقت مضى بمشروع تصدير الثورة. أمّا المتفائلون تجاه الإتّفاق، مثل فريق أوباما، فيرون فيه ملامح عهد جديد، ويراهنون على أنّ رفع العقوبات سوف يعبّد الطريق أمام اندماج إيران إقتصاديّاً بالعالم كمقدّمة لاندماج سياسيّ.
وهكذا في لبنان يأمل المتفائلون أن يقود الإتّفاق إلى رأب الصدع ما بين مؤيّدي إيران ألا وهم فريق 8 آذار، ومنتقديها وهم فريق 14 آذار، الّذي طالما أطلق عليه أخصامه أنّه جماعة "فيلتمان"، وهو السفير الأميركيّ السابق في لبنان. وتسفر بداية التّقارب الأميركيّ - الإيرانيّ إلى تقارب لبنانيّ - لبنانيّ، يترجم عودة لانتظام المؤسّسات الدستوريّة اللبنانيّة وإنتخاباً لرئيس الجمهوريّة بعد أكثر من 14 شهراً من الفراغ الرئاسيّ. أمّا المتشائمون فيخشون أن يؤدّي رفع العقوبات إلى مزيد من الدّعم الإيرانيّ لـ"حزب الله" واستعار الحرب السورّية الّتي تلقي بتداعياتها غلى الداخل اللبنانيّ وتزيد من الشرخ القائم بين المكوّنات اللبنانيّة المنقسمة حيالها وحيال مسألة سلاح "حزب الله".