من لم يحضر أمسية للغناء الشعبي في نادي جنكي في تل أبيب لم يختبر الفرح الحقيقي. يمتلئ النادي بأشخاص سعداء يغنّون. بعضهم يرقصون على الطاولات. ويكتظ المسرح حيث تغنّي عينات ساروف - التي أصبحت من أبرز المطربات في أمسيات الغناء الجماعي باللغة العبرية في الأعوام الأخيرة - بالجمهور المتحمّس الذي يتوسّل لحظةً أمام المذياع. حتى إن وزير المال السابق يائير لابيد الذي كان يصعد باستمرار على خشبة المسرح في نادي جنكي قبل أن ينخرط في عالم السياسة، لا يزال يغنّي أحياناً مع ساروف.
بدأ تقليد أمسيات الغناء الشعبي العبري خلال العلية الأولى [الموجة الأولى من الهجرة الصهيونية إلى فلسطين العثمانية، 1882-1903]، في أواخر القرن التاسع عشر، حيث كان الروّاد الأوائل يجتمعون في نهاية يوم العمل للغناء معاً. وكانت بلدة ريشون لتسيون تُعتبَر محور الغناء الشعبي، حيث كانت تُقام بانتظام أمسيات للغناء الشعبي في أماكن متعددة. وقد تحوّلت أمسيات الغناء الجماعي وسيلة الترفيه الأولى بامتياز للمؤسسين الأوائل والعمّال. وكان الغناء حول نار المعسكر يؤدّي الغرض عينه للألوية والمقاتلين الشباب في البلماخ، أي قوات النخبة في الهاغاناه (جيش اليشوف أي الجالية اليهودية في إسرائيل قبل قيام الدولة، والتي تشكّل أساس الجيش الإسرائيلي).