دخل النزاع هذا الشهر عامه الخامس في سوريا حيث بات من الصعب تمييز أجزاء كثيرة من البلاد وسكّانها. وهذا ينطبق على مدينة حلب، مسقط رأسي الذي مزّقته الحرب، بمجموعاتها الدينيّة، والاجتماعيّة والقوميّة المتنوّعة التي اضطرّت جميعها للتعامل يوميًا مع الواقع المرير وأهوال الحرب.
ولفهم شعور مثل هذا المجتمع، زرت إحدى البلدات العتيقة: سوريا القديمة، وهي منطقة مرتفعة في غرب حلب حيث يسيطر النظام. سوريا القديمة هي حيّ تقطنه طبقة عاملة تتألّف من المسيحيّين العرب بطوائفهم المختلفة، إلى جانب عدد ضخم من المسلمين والأكراد. هذه البلدة هي من بين المناطق القليلة في حلب حيث عدد الكنائس يفوق عدد الجوامع، وحيث لطالما كانت العلاقات المجتمعيّة مرحة وودّيّة كما نلاحظ عند التجوّل في شوارعها الضيّقة الشبيهة بالمتاهات التي تعجّ من الجانبين بالأسواق، والمقاهي، ومتاجر بيع الشطائر، والحانات ومتاجر الخمر. لكن بعد أن ألقى النزاع بظلاله على هذه البلدة، بدأ التوتّر يزداد في الجوّ بوضوح وساد الشكّ أكثر فأكثر.