بدعوة من اتّحاد المصارف العربيّة وجمعيّة المصارف التركيّة وتنظيم مشترك بينهما، أقيم في اسطنبول في 5 و6 آذار/مارس 2015، مؤتمر حول الحوار العربيّ–التركيّ، وانتظارات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من قمّة الدول العشرين المنتظر انعقادها في تركيا في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. أكثر من مئة خبير وباحث من بلدان المنطقة، بينهم ممثّل موقع "المونيتور" الذي شارك في المؤتمر، التقوا على مدى ساعات، لتقديم دراساتهم وأبحاثهم حول مسألة واحدة، كما حدّدها أحد المنظّمين لموقعنا: كيف ندرج هذه المنطقة من العالم على أجندة الدول صاحبة أكبر 20 اقتصاداً في العالم؟
تكمن أولى العقبات التي أظهرتها مناقشات المؤتمر في أنّ بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على الرغم من تجاورها الجغرافيّ والجيوستراتيجيّ، لا تشكّل اقتصاديّاً منطقة تبادليّة واحدة. أرقام بسيطة قدّمتها مداخلات الخبراء كانت كافية للتدليل على ذلك. مثلاً، إنّ 10 في المئة فقط من تجارة الدول العربيّة، هي تجارة بينيّة، أي بين تلك البلدان، فيما 90 في المئة من تلك التجارة هي مع مناطق بعيدة. في مقارنة قدّمها أحد الخبراء في المؤتمر، مع بلد مثل بلجيكا على سبيل المثال، يظهر أنّ 74 في المئة من تجارة بروكسل هي مع جوارها. ما الذي يعيق التجارة البينيّة في منطقة الشرق الأوسط؟ أسباب كثيرة بحسب مناقشات المؤتمر، منها الطبيعة المحدودة جدّاً لصادرات هذه الدول، وتركيزها في شكل ساحق على النفط، وبالتالي ضعف التنويع في اقتصادات تلك الدول،إضافةإلى طبيعة الأنظمة السياسيّة والقانونيّة في دول المنطقة، وتوتّرات العلاقات بين معظمها. ترى النسب نفسها بين دول الشرق الأوسط وتركيا. فالتجارة البينيّة بين الإثنين لا تتعدّى 11 في المئة من حجم تجارتهما. فيأتي 12 في المئة فقط من حجم السياحة في تركيا من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما لا تشكّل موجودات المصارف العربيّة في تركيا أكثر من 7 في المئة من موجودات المصارف في تركيا. ولا تتعدّى كلّ المصارف التركيّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السبعة فروع مصرفيّة في منطقة مكوّنة من 22 بلداً، وتمتدّ على مساحة أكثر من 14 مليون كيلومتر مربّع، وتضمّ أكثر من 200 مليون نسمة!