في 20 تشرين الثاني/نوفمبر، شهدت محطّة الحافلات المركزيّة الجديدة في تل أبيب لحظة من الأكثر اللحظات غرابة في تاريخها. فقد كان عشرات الأشخاص يجولون في أروقة المبنى الضخم المعروف بصعوبة التنقّل فيه ويحملون خرائط محاولين أن يفهموا أيّ اتّجاه عليهم أن يسلكوا. لكنّهم لم يكونوا يحاولون الوصول إلى إحدى الحافلات لصعودها، بل كانوا يحاولون إيجاد الطريق الأفضل ليسلكوه بين نباتات متدلية في الهواء، ومساحات تجاريّة حُوّلت إلى منشآت فنيّة عملاقة، وراقصين يتحدّون الجاذبيّة على قضبان اسمنتيّة مائلة. كلّ ذلك كان جزءاً من معرض اسمه "المحطّة التالية" يجمع بين الفنّ والزراعة والمنظومات البيئيّة الصغرى في كلّ أرجاء محطّة الحافلات الجديدة.
وكان التنافر واضحاً وجلياً. فمن جهة، هناك هذه الفعاليات العصريّة والمرحة التي شكّلت جزءاً من مشروع طموح أطلقته مجموعة "أونيا" التي تضمّ فنّانين ومصمّمين ومهندسين وناشطين وتصف نفسها بأنّها "حضانة بيئة مدينيّة". ومن جهة أخرى، هناك الحياة اليوميّة البائسة في محطّة الحافلات المركزيّة المعروفة باستقطابها العمّال المهاجرين والأشخاص الأقلّ حظوة والجرائم. والنتيجة كانت مذهلة.