يشهد العراق تفاقماً مستمراً في الصراع الطائفي الذي يذهب في اتجاهات مختلفة، ما يجعل من الصعب البقاء على الحياد بالنسبة إلى من لا يريد أن يكون جزءاً من المعركة. وفي آخر تطوّرات هذا الصراع، أشعلت عمليات الأنبار العداء الطائفي بشكل مختلف وبشدّة أكبر بين العراقيّين. ويمكن القول إن ما نشهده اليوم في العراق هو ظهور تركيبة معقّدة من الأحقاد المتراكمة بين المذاهب والمناطق والعشائر العراقيّة، لم يسبق له نظير في تاريخ العراق. فقد اندمجت مشاعر انتقاميّة متنوّعة أضيفَت إلى الشعور الطائفي بين السنّة والشيعة.
لا يحتاج المتابع اليوم إلى جهد كبير لرؤية الشرخ المتفاقم بين العراقيّين. فالحدود الجغرافيّة والقبائليّة والمذهبيّة أصبحت في غاية الوضوح. جغرافياً، أصبحت كلمة "الغربيّة" تستخدم للإشارة الى السنّة المتعاونين مع الإرهاب من قبل عدد كبير من أهل الجنوب. كذلك فإن كلمة "الجنوب" تستخدم للإشارة إلى الشيعة المتعاونين مع إيران العدوّة اللدودة للعراق. وقبائلياً، انقطعت أواصر القربى بين العشائر المنقسمة بين سنّة وشيعة، بالإضافة إلى عزلة القبائل ذات الغالبيّة المطلقة السنيّة أو الشيعيّة. إلى ذلك، ما زال المذهب يلعب دوراً بارزاً في الخصومات بين الأطراف.