أول الإنعكاسات في البيئة السُنية لظهور المعارك الدائرة في سوريا مظهر الحرب الأهلية الطويلة الأمد، يتمثل في صعود شعبي للقوى الإسلامية المتشددة على حساب "تيار المستقبل" المعتدل. يعود السبب إلى أن الحركات الإسلامية، وفي طليعتها الظاهرة الإعلامية التي يقودها الشيخ الصيداوي أحمد الأسير لا تعبأ للياقات والإعتبارات الوطنية المحلية بل تدعو علناً وإن من دون قدرة إلى "الجهاد" في سوريا لنصرة الثوار، بما يلائم أمزجة الناس العاديين أبناء هذه الطائفة،لا سيما منهم الفقراء الذين ما عادوا يتلقون منذ مدة طويلة مساعدات من "تيار المستقبل" بفعل الشح في موارده.
"لكن استرداد هذه الفئة هو الأسهل على المدى المتوسط" ، يقول لـ"المونيتور" أحد أعضاء كتلة "المستقبل" في البرلمان اللبناني، لكنه يقرّ بأن انخراط "حزب الله" العلني في القتال الدائر في سوريا، والذي يتِخذ أكثر فأكثر منحى مذهبياً في نظر عامة الناس، صار يشكل عبئاً على "المستقبل" في تعامله مع كثيرين من مؤيديه الذين يطالبونه بمواقف وقرارات أشد فاعلية وملموسة أكثر في دعم الثوار السوريين. "وبالطبع لسنا في وارد تجاوز حدود الدعم السياسي والإعلامي ومساعدة النازحين السوريين إلى لبنان". هذه الحدود تعطي تفوقاً للمتشددين السُنّة الذين يشتبه بأن بعض حركاتهم وتنظيماتهم لا تزال في شكل ما تحافظ على رابط وإن ضعيف وغير مرئي بأجهزة مخابراتية وجهات ليست بعيدة عن النظام السوري، وحتى عن "حزب الله" الذي يُفترض أنه خصم لها، على ما يقول عضو الكتلة النيابية نفسها، مشيراً إلى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي تحالف مع الحزب قبل أن يقدم استقالة حكومته يموّل حركات ومجموعات سلفية في طرابلس والشمال.