بين رسم كاريكاتوري للبطريرك الماروني، نشرته صحيفة "الوطن" السعودية، وصورة كاريكاتورية للملك السعودي رُفعت في شارع قرب بيروت، عادت أزمة حرية التعبير في لبنان إلى الواجهة، في بلد يدعي إنه واحة للحريات في منطقته.
منذ أكثر من عشرين عاماً، يفاخر النواب اللبنانيون الذين ساهموا في وضع آخر تعديل دستوري في بلاد الأرز، سنة 1990، بأنه ضمنوا مقدمة الدستور نصاً صريحاً يؤكد أن الدولة اللبنانية تلتزم "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات دون استثناء". طبعاً لم تكف تلك العبارة لحفظ أي حقوق. فبعد ذلك التعديل دخل لبنان طيلة 15 عاماً عهد الوصاية السورية. وفي تلك الحقبة كانت انتهاكات حقوق الإنسان هي القاعدة في بيروت. حتى أن الحكومات اللبنانية يومها، نبشت من أحد نصوصها القانونية الموضوعة أيام السلطنة العثمانية قبل نحو قرن، عبارة تسمح لها بتوقيف أي شخص "لقيامه بأعمال وخطب لم تجزها الحكومة". ورغم طرافة ذلك النص استخدم يومها لملاحقة الآلاف من المعارضين ومحاكمتهم. بعد جلاء الجيش السوري عن لبنان في 26 نيسان 2005، اعتقد اللبنانيون أن أوضاع حقوق الإنسان ستتحسن. لكن الأمثلة الكثيرة من الممارسات الحكومية كانت على عكس ذلك.