هذه المرّة الأولى في السنين القليلة الماضية التي تكون فيها الأحاديث قليلة في الوسط الدولي عن دور أوروبا في الشرق الأوسط. مع نأي إدارة ترامب بنفسها عن بروكسيل، بات الاتحاد الأوروبي منعزلاً وتراجع تأثيره العالمي. في الواقع، لا يخفي الرئيس ترامب احتقاره للاتحاد الأوروبي ومعظم زعمائه. فهو لم يوفّر كلماته المهينة عندما تحدّث عن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على الرغم من دعمه لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (البركسيت). أمّا موقف ترامب من سياسات الهجرة التي تتبنّاها مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل، فهو بالشراسة نفسها، لا بل أشرس. باتت أبرز دول الاتحاد الأوروبي اليوم أقلّ انخراطاً في الشأن الشرق أوسطي بسبب محادثات البركسيت وأزمة ميركل المحلية. وحده مقرّ الاتحاد في بروكسل وباريس ما زال ناشطاً في الشأن الشرق أوسطي.
قال مصدر بارز مقرّب من فيديريكا موغيريني، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الاوروبي، للمونيتور إنّ موغيريني على اتصال مستمر بوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، حول قضايا عديدة من بينها قضايا الشرق الأوسط. مع ذلك، يبدو أنّ الإدارة لا تتشارك سوى جزءاً من مبادرات سياسة ترامب مع موغيريني. لا شكّ في أنّ إعلان ترامب القدس عاصمة إسرائيل شكّل مفاجأة غير سارّة. كانت موغيريني قد نقلت في الأسابيع الأخيرة لواشنطن دعم الاتحاد الأوروبي لمبادرة أمريكية للتعاون الإقليمي، طالما أنها لا تضرّ بالاتفاق النووي الإيراني وطالما أنها تبدّي السلام الإسرائيلي - الفلسطيني وفق قاعدة حلّ الدولتين. كما عبّرت موغيريني عن اعتراضات أوروبا القوية على أية سياسة أمريكية جديدة بشأن القدس يمكن أن تزعزع استقرار المنطقة. خلال اجتماعها الذي بدا جافياً مع تيلرسون في بروكسل يوم 5 كانون الأول/ديسمبر، كرّرت موغيريني اعتراض أوروبا على الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل. بعد إعلان ترامب، سارعت موغيريني إلى القول: "يعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء إعلان رئيس الولايات المتحدة ترامب اليوم القدس عاصمة إسرائيل وما قد يترتّب عن ذلك من انعكاسات على مستقبل السلام".