كانت المعركة عند الحدود العراقية-السورية، على مقربة من التنف، في السادس من آب/أغسطس الماضي، عنيفة. لقد أقدم الجهاديون، في القتال الوحشي، على قتل الجميع ما عدا شاب إيراني. فقد جرى القبض على حججي، وهو مقاتل من الحرس الثوري الإسلامي، والسير به عبر ساحة المعركة فيما يُخيّم الموت في الأجواء ويتصاعد الدخان حوله. لم تظهر على وجه حججي، ذي العينَين الثاقبتين، أي ملامح خوف. بعد بضع دقائق، وُضِع رأسه المقطوع على بطنه، فيما راح ثلاثة أولاد – أحدهم بالكاد يبلغ الخامسة من العمر – يدوسون على جثته ورأسه.
طوال ستّة أعوام تقريباً، كان المتشدّدون الإيرانيون الذين يروّجون للتدخل العسكري في سوريا يبحثون جاهدين عن رواية على غرار قصة حججي. كانت حجتهم أنه من شأن تدعيم دفاعات حليفهم المخضرم – الرئيس السوري بشار الأسد – أن يجعل إيران أكثر أماناً. على هذا الأساس، كان مقتل حججي بمثابة هدية من الله بالنسبة إلى اللواء قاسم سليماني، المخطِّط الاستراتيجي المحنّك والمكيافيلي المسؤول عن نشر آلاف المتطوعين من مختلف أنحاء العالم الشيعي في سوريا. قال سليماني الملقّب بـ"الشهيد الحي" في إيران: "من أجل تمجيد أهمية مسألة معيّنة، يخلق الله أحياناً حادثة ما"، مضيفاً: "كان استشهاد حججي بمثابة تمجيد للتضحيات في سبيل الدفاع عن المقامات [الشيعية المقدّسة]". لطالما لُقِّب مَن يتطوّعون للقتال في سوريا بـ"المدافعين عن الضريح" في الخطاب الرسمي الإيراني، في إشارة إلى ضريح السيدة زينب، وهو مقام شيعي، في جنوب دمشق.