انقلبت الأمور رأساً على عقب في البلد الصغير. لم يكن ترشيح سليمان فرنجيّة، قطب 8 آذار والصديق الشخصيّ لبشّار الأسد، إلى منصب رئاسة الجمهوريّة أبداً في الحسبان. صحيح أنّ الأمر قد يبدو للوهلة الأولى أمراً طبيعيّاً، نظراً لما لفرنجيّة من حيثيّة وطنيّة، ولكن أن يأتي هذا الترشيح من قبل زعيم تيّار المستقبل، الرجل الأوّل في 14 آذار والمقرّب من المملكة العربيّة السعوديّة، هذا ما كان بمثابة الصاعقة لدى البعض، مثل قواعد 14 آذار، أو مصدر ريبة وحذر لدى البعض الآخر، لا سيّما في صفوف 8 آذار. وهذا ما ينذر بانهيار تحالفات وخلط أوراق وتحوّل عميق في المشهد السياسيّ في لبنان.
لا بدّ من الإشارة أوّلاً إلى أوجه الشبه بين سليمان فرنجيّة وسعد الحريري. الإثنان إبنا الجيل نفسه، كلاهما في منتصف العمر، والأهمّ ربّما أنّ كليهما خرج من المأساة نفسها. كلّ من الرجلين فقد والده على أثر جريمة اغتيال سياسيّ. طوني فرنجيّة لاقى حتفه إثر جريمة مروعة في مدينة إهدن الشماليّة في 13 حزيران/يونيو 1978، لم تندمل آثارها حتّى اليوم، لما خلّفته من انشقاق داخل البيت المسيحيّ. أمّا رفيق الحريري فقد أزيح من المشهد السياسيّ في 14 شباط/فبراير 2005 إثر انفجار ضخم ما زالت ارتدادته تعصف بلبنان والمنطقة، خصوصاً لما خلّفته من تشنّج بين السنّة والشيعة.