من يصدّق أنّه بعد نحو ربع قرن على انتهاء الحرب الأهليّة رسميّاً في لبنان، لم يتمكّن هذا البلد من إعادة تأمين التيّار الكهربائيّ إلى سكّانه؟ معادلة تبدو في ذاتها معضلة، فكيف إذا أضيفت إليها معادلة أشدّ خطورة، مفادها أنّ لبنان دفع طيلة تلك الفترة نحو 27 مليار دولار أميركيّ في قطاع إنتاج الكهرباء، من دون الوصول إلى نتيجة. تشكّل أزمة الكهرباء في لبنان اختصاراً لمعاناة بلد كامل ودولة برمّتها، بين التقصير والفساد والعجز عن إدارة الحكم.
يدرك كلّ العارفين في الشأن اللبنانيّ أنّ مسألة تأمين التيّار الكهربائيّ إلى السكّان في لبنان تمثّل قضيّة وطنيّة كبرى، قاربتها كلّ الحكومات المتعاقب، من دون الوصول إلى أيّ نتائج ناجحة أو حاسمة. غير أنّ هذه المسألة بدأت تشكّل في الأعوام الأخيرة عنصراً ضاغطاً على مجمل وضع الخزينة العامّة للدولة اللبنانيّة، كما على الاقتصاد اللبنانيّ بكامله.