القاهرة — جلس بجلبابه البسيط ، محتملا انخفاض درجات حراره نوفمبر في نصف جلسة قرب ميدان محمّد فريد في وسط القاهرة، وآثار الزمن على وجهه حفرت بين ملامحه ندوباً، ويداه تحوطان بحرص مجموعة من الأوراق وجواز سفر أخضر، وهو يجلس مع أخيه وأبناء عمومته وجاره، ويتزاحمون مع العشرات في مشهد لافت للنّظر، وهم يرتدون جلابيب توحي بأصولهم الريفيّة، وقد بدوا منهكين عند مكتب في شارع قصر العيني من ناحية ميدان التّحرير، فيما بوّابته الحديد مغلقة وتدافعهم الشديد يواري لافتة مكتب "الخطوط الجويّة الليبيّة"، ويصل الازدحام وصفوف الانتظار حتّى مسافة طويلة ترفع أعداد الحالمين بتذكرة سفر إلى ليبيا إلى مئات الأشخاص. وقد يوحي المشهد بأنّهم يطالبون بمستحقّاتهم الماليّة التي تركوها خلفهم هناك على أرض لا تعرف إلاّ رائحة الموت، لكن في الحقيقة أنّهم يرغبون في العودة إلى ليبيا بحثاً عن عمل أو إعادة ممارسة أعمالهم هناك.
وفي هذا الإطار، أشار أحمد السيّد من محافظة المنيا لـ"المونيتور"، وهو جالس على الرّصيف ينتظر الحصول على تذكرة سفر إلى ليبيا، إلى أنّه يعمل في ليبيا منذ أكثر من تسع سنوات، واستمرّ في عمله في المنطقة الغربيّة، حتّى في ظلّ الاضطرابات التي اندلعت في البلاد، إبّان الثورة التي أطاحت بحكم العقيد معمّر القذّافي.