شهد العراق تاريخاً طويلاً من الصراع والتقارب في ما بين رجال الدين الشيعة والسنّة. ولعب ذلك دوراً بارزاً في المشهد العام للصراع الطائفي أو للتلاحم بين الطوائف في البلد. وقد شارك هذا العامل مع العوامل السياسيّة والاجتماعيّة الأخرى في رسم مشهد الصراع التاريخي القائم في البلاد. والمشكلة الرئيسيّة هي أن رجال الدين من الطرفَين السنّي والشيعي عاجزون عن إنتاج تقارب وشبكة تواصل حقيقيّة يمكن توظيفها في حلّ أو التخفيف من حدّة الصراع الديني والسياسي، بل إنهم وعلى عكس ذلك قد يلعبون دوراً في تأجيج الصراع في كثير من الحالات بسبب فقدان التواصل المؤسساتي.
قد يجد الباحث نماذج كثيرة من التواصل في تاريخ رجال الدين الشيعة والسنّة في العراق، منها: تتلمذ علماء شيعة على يد أساتذة سنّة والعكس صحيح، وإقامة مجالس نقاش وحوار هادئ وسليم، وغير ذلك من الأمثلة. لكن سرعان ما تنقلب العلاقة الوديّة إلى صراع وخصومة فور دخول العنصر السياسي في ما بين الطائفتَين. وما تجمعه العلاقات الثقافيّة تفرّقه الخلافات السياسيّة بين ليلة وضحاها.