يُعامَل وزراء الخارجية، عادةً، كمسؤولين مكلّفين ممارسة السياسة الواقعية. ولذلك يُفترَض أنهم بمنأى من البارانويا التي تظهر في سلوك عدد كبير من السياسيين. بيد أن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي كان يُعتبَر حتى الآونة الأخيرة من اللاعبين الماهرين في إدارة السياسة الواقعية، أظهر أنه يعاني هو أيضاً من البارانويا التي تنتشر كما النار في الهشيم في أوساط القادة الأتراك الذين يعتقدون أن تركيا مستهدَفة من مؤامرة دولية، أي غربية.
بعد يوم واحد من صدور تقرير منظمة "فريدوم هاوس" الأميركية بعنوان "حرية الصحافة لعام 2014" في الأول من أيار/مايو الجاري، والذي خفّض مرتبة تركيا من فئة البلدان "الحرة جزئياً" إلى فئة البلدان "غير الحرة"، انفجر داود أوغلو غضباً. فقد أعلن في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العُماني يوسف بن علوي بن عبدالله في الثاني من أيار/مايو الجاري في أنقرة: "لا أحد يستطيع تصنيف تركيا في تلك الفئة. يُعبَّر بانفتاح عن كل أنواع الآراء في البلاد. بهذا المعنى، الصحافة في تركيا أكثر حرية منها في بعض البلدان المصنّفة في خانة ‘الحرة جزئياً’".