تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تلاقي الضرورات، بين المبدئي والظرفي

Lebanon's Prime Minister Saad al-Hariri (R) shakes hands with Lebanese Christian leader and head of the Free Patriotic Movement Michel Aoun during the eighth session of the national dialogue between political leaders at the Presidential Palace in Baabda, near Beirut March 9, 2010. REUTERS/Dalati Nohra/Handout (LEBANON - Tags: POLITICS RELIGION) FOR EDITORIAL USE ONLY. NOT FOR SALE FOR MARKETING OR ADVERTISING CAMPAIGNS - RTR2BEYN
اقرأ في 

تلاشت آمال ولادة حكومة جامعة في لبنان وعادت الأمور إلى نقطة الصفر. الأطراف الإقليمية المتصارعة على ساحة المشرق العربي والممسكة بالمعادلة اللبنانية ما زالت بعيدة عن تسوية تفضي إلى إعادة الحياة الدستورية في البلد الصغير. حتى "تسوية الحد الأدنى" التي لاحت في الأفق لأيام قليلة والتي تقوم على حصر الصراع في سوريا والحؤول دون الفراغ الدستوري الذي يتهدد الجمهورية اللبنانية تبدو اليوم صعبة المنال. أما التوافق الداخلي، فهو شبه مستحيل في ظل إصطفافات التكتلات الطائفية في المعسكرات الإقليمية. وما يضيف على الأمور تعقيداً هو تلازم لا بل تراكم الإستحقاقات الدستورية. فالمعضلة لم تعد منحصرة بتأليف الحكومة فقط إنما أيضاً بإنتخاب رئيس جديد للجمهورية ولم يبقى على ولاية الرئيس الحالي سوى بضعة أسابيع. وإن كان إستحقاق الإنتخابات النيابية منذ ما يقارب العام قد تمت لفلفلته على الطريقة اللبنانية عبر هرطقة دستورية تجلت بتجديد البرلمان لنفسه بنفسه وذلك بحجة عدم توصل قوى الداخل إلى إتفاق حول قانون أنتخابي جديد؛ يصعب التصديق أن هذه القوى نفسها بإمكانها، من تلقاء نفسها، أي خارج أي دفع يأتيها من الخارج، إعادة تشكيل سلطة تتمثل برئيس جديد للجمهورية وحكومة عتيدة، مع ما يقتضيه الأمر من تسويات بين قوى متخاصمة ، ومصالح متضاربة منها ما هو معلن ومنها ما هو غير معلن.

أما أجواء الحلحلة التي سادت لأيام إستندت على "عرض" مفاده : تخلي فريق حزب اله عن الثلث المعطل وتضمين البيان الوزاري ثلاثية الشعب-الجيش-المقاومة الذي يشرع عملياً سلاح حزب الله ويضعه خارج طاولة الحوار بالإضافة إلى القبول بمبدأ المداورة في الوزارات؛ أما في المقابل يتنازل فريق الحريري عن شرط إنسحاب حزب الله من سوريا قبل مناقشة أي تسوية معه. الفريق المسيحي والموزع على الفريقين كان غائباً عن هذه التسوية الذي يبدو أنها تمت بين الفريقين السني والشيعي برعاية جنبلاطية. فمن جهة القوات اللبنانية لم ترى بعين الرضى التخلي عن شرط الموافقة على إعلان بعبدا-الذي يدعو إلى تحييد لبنان عت الحرب الدائرة في سوريا- كمقدمة لأي تفاهم حكومي، ولا عن هذا التراجع المفاجىء لحليفها سعد الحريري أمام حزب الله خاصة أن أولى إشارته أطلقت  من لاهاي حيث كانت تعقد أولى جلسات المحكمة الخاصة من أجل لبنان والتي تقاضي حتى الساعة 5 متهمين ينتمون إلى حزب الله ، وخاصة أيضاً أنه لم تمضي سوى أيام قليلة على إغتيال محمد شطح القيادي في 14 أذار وإتهام سعد الحريري نفسه حزب الله بهذا الإغتيال. أما من جهة أخرى، الحليف المسيحي لحزب الله العماد عون تصدى لمبدأ المداورة في الوزارات والذي تجدر الإشارة أنه كان أولاً مطلباً  لحليفه نبيه بري قبل أي فريق آخر. فبين رفض القوات اللبنانية المبدئي للمشاركة ورفض التيار الوطني العملي للقبول بالعرض العتيد توقف تشكيل الحكومة. ومن المفارقة في مكان أن يلتقي الفريقان المسيحيان وهم على خصام قديم على رفض الصفقة المعدة من قبل الشركاء الآخرين. ولم تقف المفاجئة عند هذا المقدار من تلاقي الضرورة إنما بلغت حد الدهشة منذ يومين حينما أعلن العماد عون و من صرح بكركي وفي عيد مار مارون –وللمكان والزمان رمزيتهما-  موافقته على كل ما تضمنته وثيقة بكركي التاريخية التي تبنت وبشكل أساسي مبدأ الحياد. هذا الموقف يناقض في الجوهر سياسة حليفه حزب الله المنخرط في الحرب والسورية والملتزم بمحور الممانعة السوري الإيراني. كما وتناقض أسس التحالف القائم بينهما.

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.