إلى جانب الأسباب الواقعيّة للخلافات في العراق، ثمّة عدد كبير من الصراعات التي تدور حول أوهام لا وجود لها سوى في المخيّلة الجماعيّة للطوائف العراقيّة. لكنها تخلّف آثاراً حقيقيّة على أرض الواقع وتغذّي الصراع القائم بوقود مشعلة لنيران الجحيم القائم في العراق. والمقاتلون في هذه الحروب شأنهم شأن دون كيخوته، الذي تحرّك لنشر الحقّ والعدل والقيم النبيلة إلا أنه سار في طريق الأوهام ليقاتل أعداء لا وجود لهم إلا في مخيّلته، ولم يكسب في النهاية شيئاً بل خسر حياته أيضاً.
الكلّ يعرف أن ثمّة مواضيع خلافيّة بين العراقيّين حول توزيع الثروات الاقتصاديّة وكيفيّة إدارة البلد سياسياً وغير ذلك من الخلافات الجارية في كل بلاد العالم. لكن ما يميّز العراق عن غيره، هو أن العدد الأكبر من الخلافات يدور حول مواضيع غير واقعيّة تماماً وهو مرتبط بالمخيّلة الدينيّة والتاريخيّة للطوائف العراقيّة.