يروي دبلوماسي لبناني رافق أعمال مؤتمر جنيف السوري في أيامه الأولى، أن مأزق المساعي الحواريّة للأزمة السوريّة كان واضحاً منذ البداية. كذلك فإن الثغرة الممكنة للخروج من الجدار المسدود، واضحة منذ البداية أيضاً بالنسبة إلى وسيط المؤتمر الأخضر الإبراهيمي. ويكشف الدبلوماسي الذي غادر المدينة السويسريّة بعد يومَين على افتتاح المؤتمر في 22 كانون الثاني/يناير الجاري لـ"المونيتور"، أن الدبلوماسي الجزائري العتيق لم يكن موهوماً في أي لحظة. فالإبراهيمي كان قبل جلسة الافتتاح في مونترو، قد أجرى سلسلة طويلة من الاتصالات مع القوى السوريّة المشاركة وكذلك مع القوى الخارجيّة الراعية أو الداعمة لكلّ من طرفَي الصراع في تلك الأزمة. بالتالي، فهو ذهب إلى "مونترو بالاس" مدركاً تماماً ما ينتظره، ومدركاً أن ورقتَي عمل الفريقَين المتحاورَين لا تتقاطعان فعلياً في أي من نقاطهما الأساسيّة: المعارضة السوريّة قرأت جنيف-2 في ضوء نقطة واحدة من بيان جنيف-1، ألا وهي تلك الداعية إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي تعود إليها كل السلطات التنفيذيّة. وهي جاءت بالتالي إلى سويسرا بخلفيّة المبادرة إلى وضع الخطوات العمليّة لتشكيل تلك الهيئة، ووضع إطار زمني لذلك. حتى أن بعض أعضاء الوفد المعارض كان يطرح جدولاً زمنياً من سنة واحدة، يتمّ فيه نقل كل السلطة، مع وضع دستور جديد وإجراء انتخابات نيابيّة ورئاسيّة. حتى أن الدبلوماسي اللبناني سمع من بعض المعارضين تعبيرات عن اطمئنانهم إلى أن [الرئيس السوري] بشّار الأسد لن يكون معنياً إطلاقاً بتطوّرات ما بعد نهاية ولايته الرئاسيّة الحاليّة، في حزيران/يونيو المقبل!
في المقابل، يتابع الدبلوماسي نفسه، جاء وفد السلطات الرسميّة بقراءة مناقضة تماماً لبيان جنيف-1. وذلك انطلاقاً من قاعدة أنه طالما المطلوب هو تأمين قيادة سوريّة للعمليّة السلميّة، فهذا يعني أولويّة وقف التدخّل الخارجي ومنع انتقال السلاح والذخيرة والمقاتلين إلى الداخل السوري، أي تحوّل جنيف-2 إلى تحالف دولي ضدّ الإرهاب في سوريا. بعدها يقرّر السوريّون مصير بلادهم بالكامل، نظاماً ومساراً وأشخاصاً، بما يعني رفض الكلام عن استبعاد الأسد مسبقاً عن أي حلّ مستقبلي.