في الوقت الذي يشهد عدد الطلبة العراقيّين الذين يتابعون دراستهم في الولايات المتحدة الأميركيّة تزايداً ملحوظاً، أخذت الحكومة العراقيّة تبدي اهتماماً متزايداً بإنشاء جامعة أميركيّة في العراق. وقد دعم وزير التعليم العالي العراقي علي الأديب هذه الفكرة علناً في مقالة نشرت باسمه على موقع أميركي متخصّص بالتعليم العالي، حملت عنوان "لماذا تحتاج بغداد إلى جامعة أميركيّة". فتناول الأديب في المقالة الأسباب التي تجعله يطالب بإنشاء جامعة أميركيّة في وسط أو جنوب العراق، بالإضافة إلى تلك القائمة حالياً في السليمانيّة–كردستان. وأوضح الأديب أن مثل هذه الجامعة ستطوّر التعليم العالي في العراق، وستخرّج طلبة مطّلعين على المعارف العالميّة الحديثة يمتلكون تفكيراً نقدياً ويجيدون اللغة الإنكليزية ويتقبّلون التنوّع الثقافي.
ويُعَدّ هذا الموقف لافتاً نظراً لاعتقاد سائد يقول بأن الوزارة لم تكن متحمّسة لمثل هذه الفكرة، وبأن الأحزاب الشيعيّة الإسلاميّة التي ينتمي الأديب إلى أحدها لا تدعم ما يمكن أن يصنّفه البعض "اختراقاً ثقافياً غربياً" للمجتمع العراقي. والوزير علي الأديب هو قيادي في حزب الدعوة الإسلاميّة الذي يتزعمه حالياً رئيس الوزراء نوري المالكي. والحزب معروف بجذوره الفكريّة المعادية للتوسع الثقافي الغربي، أقلّه وفق ما تشير كتابات منظّره الأيديولوجي محمد باقر الصدر. كذلك فإن الأديب معروف على نطاق واسع بأنه كان من صقور الحزب ومن الممثلين لقاعدته المتشدّدة سياسياً وفكرياً. لذا، فإن مضمون هذه الدعوة التي تحتفي بالتقدّم الفكري والمعرفي الغربي وتنطوي على نقد ذاتي للأوضاع التعليميّة في العراق، يشكّل مؤشراً على تحوّل مهم في نمط تفكير الأديب والحزب الذي ينتمي إليه.