لا يمر يوم تقريباً في بيروت، من دون رصد انتقاد عنيف للسياسة الخارجية الأميركية، صادر عن الفريق المؤيد للمعارضات السورية. فبعد التسوية حول الكيماوي في دمشق، وبعد انطلاق المفاوضات النووية الجدية بين واشنطن وطهران، بات بعض سياسيي الفريق الحريري يتحدث عن "ديبلوماسية أميركية سرية مع النظام الإيراني"، منذ العام ٢٠١٠، تاريخ اتهام واشنطن بإبرام صفقة لتنصيب المالكي في بغداد بإشراف النفوذ الإيراني، وفي الوقت نفسه إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري في بيروت، مقابل تأمين سلامة الانسحاب الأميركي من العراق. مع تخوف من أن يؤدي البحث عن خروج أميركي مماثل من أفغانستان السنة المقبلة، إلى صفقة مشابهة ودائماً بين زاشنطن وطهران.
في بلد مثل لبنان، حيث الصحافة حرة حتى الفوضى، والسياسة كذلك، وحيث لرئيس وزراء سابق مقولة شهيرة بأن "في بيروت الكثير من الحرية والقليل من الديمقراطية"، في بلد كهذا قد يكون من الطبيعي جداً قراءة كلام كهذا حيال سياسة واشنطن الخارجية. غير أن أكثر من مسألة لافتة ومستغربة تبرز في هذه الحالة، وتستحق التدقيق والتحليل: