القول بأن العراق اليوم هو منطقة صراع إقليمي حاد ما بين إيران وخصومها، ليس أمراً جديداً. وقد برهنت أحداث المنطقة في الآونة الأخيرة أن أي بلد يشهد حالة عدم استقرار سياسي واجتماعي وضعف في سيطرة الدولة، قد يتعرّض إلى تنافس مماثل على النفوذ من قبل القوى الإقليميّة المستقرّة والغنيّة والتي تملك مشروعاً جيوسياسياً.
واليوم، يسجَّل ذلك في كلّ من لبنان وسوريا ومصر واليمن والبحرَين. ويمكن القول أن التنافس الإقليمي صار عاملاً معيقاً لعمليّة إعادة بناء الدولة والهويّة الوطنيّة. فبسبب هذا التنافس، تصبح الصراعات الداخليّة معقّدة لأنها تتحوّل إلى امتداد لصراع إقليمي أوسع يخوضه الأقوياء على الأراضي الرخوة للدول غير المستقرّة. إلى ذلك، فإن التحالفات السياسيّة والإيديولوجيّة والماليّة التي تتشكّل في ما بين القوى الإقليميّة ووكلائها المحليّين، تؤجّج الانقسام الداخلي. وفي بلد كالعراق حيث يأخذ هذا الانقسام شكلاً طائفياً، يصبح للصراع الإقليمي أثراً تمزيقياً وتدميرياً كبيراً.