تعودت مجتمعتنا العربية على نظرية المؤامرة وكأني بها تجد فيها ملاذاً لتبرير تقاعسها للقيام بما يلزم من أجل اللحاق بقطار الحداثة، وربما أخذتها بشكل غير واع عن أنظمتها التي جعلت منها قاعدة لمشروعيتها و ركيزة لإعلامها الترويجي ولبروباغندا الفريق الحاكم. ولكن أن تنتقل العدوى الى الحكومة التركية والى شخص رئيسها رجب طيب اردوغان، هذا ما يثير الإستغراب والدهشة في آن. فها بالرجل الذي وضع تركيا على طريق النمو الإقتصادي، وقام بخطوات سديدة في مجال الإصلاح الدمقراطي إن كان لجهة الحد من سلطة العسكر على المؤسسات الدستورية أو لجهة تقليص نفوذ القضاة في الحياة السياسية، ينتفض غاضباً أمام أحداث ساحة تقسيم وإنهيار الأسوق المالية التركية الذي تبع، مندداً بالمؤامرة الخارجية التي تحاك من قبل "أعداء تركيا" ومن قبل ما سمي ب"لوبي اسعار الفائدة".
أن يكون لتركيا الصاعدة سياسياً وإقتصادياً خصوماً أشاوس ، هذا لا شك فيه، وأن يحاول بعض من يصارعها النفوذ على منطقة الشرق الأوسط الإصطياد في الماء العكر والإستفادة من أدنى فرصة متاحة من أجل زعزعة حكم اردوغان الذي واجه اسرائيل وإيران، على حد سواء وإن بطرق مختلفة، هذا أيضاً إحتمال أكثر من وارد ؛ ولكن أن يتم التعامي عن مشاكل اساسية بنيوية يعاني منها المجتمع والإقتصاد التركيين، والتلطي وراء أتهامات ضبابية من أجل القفز فوق ضرورة إصلاحات أو تصحيح في إداء الحكم، فهذا مدعاة للتعجب من قبل فريق حاكم لطالما اتسم بالعقلانية.